0

L’image contient peut-être : texte

مجرد تجربة بقلم علي الشافعي

اختارت ــ ايها الاكارم ــ منظمة الأمم المتحدة الثامن من مارس ( آذار ) ليكون يوما عالميا للمرأة , وكان ذلك عام 1977م بعد ان اخذت بآراء اغلب دول العالم , الذين اقترحوا هذا اليوم بالذات . فلم اقترح هذا اليوم ؟ وما الدلالة التاريخية والمعنوية له ؟ فتعالوا نبحث عن ذلك : 
في 1856 خرجت اول مظاهرة احتجاج نسائية , طافت شوارع العاصمة التجارية للولايات المتحدة الامريكية ( نيويورك ) , احتجاجا على الظروف غير الانسانية التي كن يجبرن على العمل تحتها ، حيث كن يعملن الساعات الطوال ولا يتساوين مع العمال الذكور في الاجر . ورغم أن الشرطة تدخلت بطريقة وحشية فقمعت المتظاهرات , إلا أن المسيرة نجحت في دفع السياسيين إلى طرح مشكلة المرأة العاملة على جداول اعمالهم .
وفي 8 مارس 1908م عادت الآلاف من عاملات النسيج للتظاهر من جديد في شوارع المدينة , لكنهن حملن هذه المرة قطعاً من الخبز اليابس وباقات من الورود , في خطوة رمزية لها دلالتها , واخترن لحركتهن الاحتجاجية شعار "خبز وورود" . طالبت المسيرة بتخفيض ساعات العمل , ووقف تشغيل الأطفال . 
شكلت مُظاهرات (الخبز والورود ) بداية حركة نسوية متحمسة داخل الولايات المتحدة , خصوصاً بعد انضمام نساء من الطبقة المتوسطة إلى موجة المطالبة بالمساواة والإنصاف , رفعن شعارات تطالب بالحقوق السياسية وعلى رأسها الحق في الانتخاب ، والترشح للبرلمان . ثم اصبحت هذه الحركة رائدة الحركات النسائية البيضاء في دول اروبا والعالم ــ عدا دول بني عرب ــ لتتبوّأ المراة المناصب السياسية العليا في مجتمعات اوروبا وشرق اسيا , وتثبت جدارتها في قيادة البلاد . فظهرت المرأة الحديدية في بريطانيا ( تاتشر) والمستشارة الالمانية (ميركل) وسيدة اسرائيل الاولى (غولدمائير) التي مرغت انوف زلم بني عرب عام 1967م , وحطمت جيوشهم . وكذلك (انديراغاندي) رئيسة وزراء الهند , و رئيسة وزراء بنجالدش , وكثيرات ايضا من وضعن بصماتهن على جدار الزمن , وقدن بلادهن وارتقين بمجتمعاتهن . وقد ساهمت النساء الأمريكيات في دفع الدول الأوربية إلى تخصيص الثامن من مارس كيوم للمرأة , حيث تبنت المنظمة الدولية اقتراح الوفد الأمريكي بتخصيص هذا اليوم للاحتفال بالمرأة على الصعيد العالمي بعد نجاح التجربة داخل الولايات المتحدة .
نحن بنو الاعراب ــ يا دام عزكم ــ كما تعلمون مجتمع ذكوري حتى النخاع , بدءا بالجاهلية الاولى وانتهاء بالجاهلية الأخيرة , فالتمييز بين الجنسين ثقافة وقِيَم وارث تاريخي , تربينا عليه خاصة في الارياف والبوادي ؛ نمارس على المرأة اشد واقسى الوان القمع والاضطهاد وعدم تمكينها من ممارسة ابسط حقوقها . فمنعت من التعليم في كثير من البلدان العربية , وحتى اختيار شريك الحياة , مبررين ذلك ان نهاية المرأة المطبخ , وان الرجل ملزم بالإنفاق عليها , ناسين ان المرأة المتعلمة المثقفة اقدر على تربية الابناء وتعليمهم , في عصر اختلط فيه الحابل بالنابل , ودخلت على البيت امور لم تكن بالحسبان , مما جعل البيت في صراع مرير مع وسائل التقنية , اضافة للشارع الذي لم يعد امنا كما كان . 
غيبت المرأة العربية عن المشهد السياسي والوظائف الحكومية العليا , . واللوات فزن في دورات برلمانية , وكان لهن صوت بارز داخل البرلمان , مورس بحقهن كل الوان الارهاب , من العائلة و القبيلة والمجتمع لسحب ترشحهن في الدورات اللاحقة . رغم ان الشفاء بنت عبد الله عينت كأول قاضية فى الإسلام , في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه , فقد ولاها على نظام الحسبة فى السوق , والقضاء فيه . وجعلها تفصل فى المنازعات التجارية والمالية , وهى بمثابة قاضي محكمة تجارية فى يومنا هذا , وقال البعض أنها بمثابة وزير المالية .
تشير الدراسات العالمية التي اجريت على اكثر من 12 الف منشاة بين صناعية وتجارية على مستوى العالم ان الشركات التي ادارتها نساء بعد الرجال حققت ارباحا سنوية زائدة بنسبة من 8ــ 10 % . وانقذت كثير من المؤسسات من الانهيار .
اقول : لنا تجارب مريرة مع مجالسنا النيابية الموقرة , ذات الاغلبية الذكورية الكاسحة , والتي اثبتت فشلها في اداء دورها الرقابي والتشريعي على مدى البرلمانات المتعاقبة , وتماهت مع الحكومة وتواطأت على استنزاف جيب المواطن , ولقمة عيش اولاده , وقد تبين ان سبب تماهي الغالبية العظمى من الاعضاء هو السبوبة ( المنفعة )على راي اخواننا في مصر , أي ما يمكن ان يكسبه النائب من العطاءات الحكومية , التي ترسو بقدرة قادر عليه او على بعض اقاربه , ليصله نصيبه في نهاية المطاف دون عناء , او توظيف احد ابنائه او اقاربه كمستشار في احدى المؤسسات المستقلة , الخاسرة اصلا والتي يسد عجزها من جيب المواطن المغلوب على امره , برواتب خيالية ولنا بالملكية الاردنية خير اهد . اقول : طالما ان النساء اثبتن جدارتهن في ادارة المصانع والمؤسسات لم لا نجرب جدارتهن في ادارة الوطن , وذلك بالرقابة على اداء الحكومة وكبح جماح الفساد المستشري . لماذا لا نجرب ؟ نطالب بحل مجلس النواب , والدفع بالنساء ذوات المواقف الجريئة الى سدة البرلمان في اول انتخابات , بحيث يشكلن اغلبية مريحة , ونري اداءهن , ولن نخسر شيئا مجرد تجربة , فهن بنات الوطن وليس لهن مصالح شخصية , يخفن عليه ربما اكثر من خوف رجالهن , فعلى ثراه يعيش ويتربى فلذات اكبادهن , وينعمون بخيره في امن وامان . اقول : لم لا نجرب فربما يكنّ اقدر من بعض الشوارب المتراقصة والمتنافرة والمتزاحمة تحت القبة. مجرد تجربة . طبتم وطابت اوقاتكم .

إرسال تعليق

 
Top