
هل تبقى أحد ؟؟
بقلم الكاتب محمد فخري جلبي
بعض الأحداث اليومية تحرك الماضي على حين فجأة ، كبحيرة راكدة مياهها عدة سنوات على سطح أحدى الكواكب البعيدة الخالية من الكائنات الحية والعضوية وسقط في قعرها نيزك مشتعل أخترق صمت الهدوء الخجول !!
قمت بزيارة طبيب العيون اليوم ليخبرني بأن هناك زيادة واضحة في حدة البصر لدي تتجاوز الثلاث درجات ، والمعروف للجميع بأن ضعف البصر يصيب الأغلبية وحالي قبل عدة شهور كان كذلك .
وكما أذكر بأن والدتي البعيدة الأن جدا كأبتعاد فصل الصيف الحارق عن القطب الشمالي ، بأنني عندما وصلت إلى هذا الكوكب المظلم متجاوزا الموت بأعجوبة حيرت أطباء الأطفال في مدينتنا المقيدة في زنزانة الحرب الكونية (على أعتبار بأن دمي محكوم عليه بالموت وغير ذا أهلية لممارسة الحياة الطبيعية ) وبأن الحل الوحيد يكمن بأستبدال كلية الدم لذلك الطفل الباكي النحيل الجالب لسوء الطالع . ولكن تستمر عجلة الحياة بالدوران العكسي ويحيا الواقفون على أعتاب الموت بفارغ الصبر ويرحل الأصحاء على عجل ، معادلة يصعب علينا تفسيرها مهما بذلنا من جهد .
ودائما كان هناك شعور مريب يؤرقني ويؤلمني كمخاض ولادة ثورة في الدول العربية ( المصابة بالعقم ) ؟؟ فلاأستطيع أن أحاصر ردات فعلي أو أختلاجاتي داخل أسوار روحي المشرعة الأبواب أمام الزوار والعابرين الغير آبهين والمشردين المنهكين ، وكأن أحاسيسي وتصرفاتي ليست ملكا شخصيا أو وديعة سرية في أحدى الجوارير لايملك مفاتيحها سواي !! فعندما أغضب يستعيذ الجميع من حولي توجسا لأقتراب الطامة الكبرى ، وحين أحب لاأعترف بالعادات والمحرمات والانتماءات وفارق العمر والجفرافيا ... ولكن أدلف إلى غرف الحب الفارغة بطيش قائد أرعن يريد أن يفرض سطوته المطلقة في أصقاع الأرض ، وعندما أعلن الثورة ضد حاكم عربي فاسد لاأعير أهتماما للأشخاص المقربين لي من أن ينالهم كثير الأذى جراء أفعالي وأتنكر شديد التنكر لما جاهدت ببناءه للمستقبل ، وعندما أقرر أن أفحص نظري يتبين بوجود زيادة مستغربة جعلت الطبيب الأوروبي المخضرم يعيد تقييم معلوماته ويتصبب عرقا توازيا مع كشفه السابق لي قبل عدة شهور !!
البعض يلقبني بالثائر ضد الطبيعة والناجي الوحيد من مدن الفضيلة السقراطية ، وأنا أصف نفسي بأنني جئت من الباب الخلفي لذا العالم ولأجل ذلك أرقب الأشياء بمنظار الناقد ولايعجبني إلا القليل ؟؟ مرارا أخبرت سائق قطار الحياة البائسة بأن يسمح لي بالنزول في أقرب محطة ( فقد أمتلئت ضجرا وسخطا ) دون أن أحصل على الموافقة ، بل أن حراس القطار حيث جميعنا نسافر على متنه (متأبطين الرضا والسرور المبهم )
قد القوني ضمن غرفة ضيقة لنقل البضائع تخلو من النوافذ والضوء كي لاأرمي بنفسي خارجا فجميع المؤشرات تشي بذلك .
تميزك عنهم هو السبب بمعاناتك ، ولماذا لايكون أختلافهم السادي عني هو مفتاح الأحجية ؟؟
يوجعني صراخ المعذبين في كل مكان ، هل ذلك منكر ؟؟ يهز كياني فساد الطبقات الحاكمة ويعلو هديري ، هل ذلك فعل مخزي ومشين ؟؟ أصوغ عذارى الأبيات عن الثورة والحدائق والفصول والضفائر ... هل خرجت من الملة ؟؟
أتبرىء من ظلال الطائفية لأسير في دروب الأيخاء بل ظل ، هل يجوز تحليل دمي ؟؟
فوضى عارمة من حولي وانا مصاب بعقدة الترتيب الأنسيابي ( المعقد ) فيلازمني صداع المجتمع المهشم طالما أنا مستيقظ ، شعور بالوحدة يتبعه أخر يتسلق نوافذ أحلامي لأستيقظ مجددا كل خمس دقائق !!
هل سيتغيرون ويعود الرائعون إلى الصفوف الأمامية في رحلتنا القصيرة ، أم الفاسدون والمنحرفون قد قضوا عليهم جميعا ولسوء حظي تركوني شاهدا على مامضى ؟؟
إرسال تعليق