0


تغريدة الشـــــــــعر العربي 
بقلم : السعيد عبد العاطي مبارك – الفايدي
----------------------------------------
مع عاشق العراق – المتنبي الأخير
الشاعرعبد الرازق عبد الواحد 
( 1930 – 2015 م ) 
ســــــــــــلاما أيها الوطن الجريح --------- !!

يا بلادَ الدمـاءْ
يا بلادَ الدموع ِالتي لا تَجفُّ
مَتى تـَغسلُ الشـَّمسُ هذا البُكاءْ ؟ 
-------------

ان الحديث عن العراق ذو شجون و استرجاع الذكريات مع بغداد و ليالي الرشيد و الرافدين دجلة و الفرات و نخيل شط العرب و حضارة بابل و آشور و سومر و عصر حمورابي و عشتار و كلكامش و مربد البصرة 
ودار الخلافة في الكوفة و المأمون و الأمين و المتنبي وزرياب ---------- الي عصر تحالف قوي الشر و مأساة الانسان العراقي ابن الحضارات مع لعنة النفط و تربص قوي الطغيان ------ 
لكن للشعر كلمة هنا نتوقف من خلاله مع المتنبي الأخير عاشق العراق المرحوم " عبد الرازق عبد الوحد " 
و قد كتبت عنه عدة مقالات و من الشعراء الذي لا أمل من مطالعة شعره فهو مسكون بالشعر معجون ببحوره عاشق للوطن سلاما علي بغداد و صبر العراق ----
و كيف ظل ينشد تحت ظلال نخيل العراق في صبر الجمل حتي رحل بغدادياته التي ترنم بها كي يصل بلوحاته الشعرية الي المتنبي باحثا عن امجاد الاجداد و جماليات العراق في نصوص لها عبقرية الدلالات في نزعة صوفية اشراقية ذات تجليات ------ 
هو الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد عراقي ولد في بغداد عام 1930 م وانتقلت عائلته من بعد ولادته إلى محافظة ميسان جنوب العراق حيث عاش طفولته هناك، تخرج في دار المعلمين العالية قسم اللغة العربية عمل في التدريس وشغل أكثر من منصب في وزارة الثقافة ...
لُقب بشاعر القرنين والنهر الثالث وأمير الشعراء العرب والمتنبي الأخير توفي في فرنسا بعد رحلة مرض و أثر الشيخوخة عن عمر يناهز 85 عاما و ذلك في عام 2015 م 
يقول في قصيدة " صبر أيوب " ملحمة رائعة ذات شجن يصف فيها صبر العراق الجمل البطل فيقول منها هذه الأبيات :

قـالوا وظـلَّ ولم تشعرْ بــه الإبـلُ
يمشي وحـاديــه يحـدو وهـو يحتملُ
ومخــرز المـــوت في جنبيه ينشتلُ
حتى أنــاخ ببــاب الـدار إذ وصلوا
وعندمــا أبصروا فيض الدمـا جفلوا
صبر العــراق صبــورٌ أنت يـا جملُ
صبر العــراق وفي جنبيــه مخـرزه
يغـوص حــتى شـغاف القلب ينسملُ
مـا هدّموا مـا استبـاحوا من محارمـه
مـا خـرَّبوا مـا أهـانـوا فيه ما قتلوا
و يقول شاعر العراق الكبير " عبد الرازق عبد الواحد " أيضا عن مأساة العراق و الشعر و الأوضاع التي يعيشها العراق و العراقيون قبل رحيله لحظة بلحظة ---
"كل شبر في العراق الآن يجري شعرا..، أطفال العراق الآن في ‘هوساتهم‘ الشعبية ينضحون شعرا..، الفلوجة بصمودها الأسطوري هي شعر..، العراق الراهن جراح نازفة وقتل واغتصاب في سجون الحكومة الطائفية، ورعب وقبور لجثث مغدورين يطوف بها العراقيون دون أن يعرفوا هوياتهم..، هذا المشهد المروع لخصته في إحدى قصائدي: سلاما أيها الوطن الجريح". :
مَتى مِن طول ِنـَزْفِكَ تَستـَريحُ ؟

سَـلاماً أيـُّها الوَطـَنُ الجَريحُ !
تـَشابَكَت النـِّصالُ عليكَ تَهوي
وأنتَ بكلِّ مُنعـَطـَفٍ تـَصيحُ
وَضَجَّ المَـوتُ في أهليـكَ حتى

كأنْ أشـلاؤهـُم وَرَقٌ وَريـحُ !
سَـلاماً أيـُّها الوَطـَنُ الجَريحُ
وَيا ذا المُسـتـَباحُ المُستـَبيحُ
تـَعـَثـَّرَ أهلـُه ُبَعضٌ ببَعض ٍ
ذ َبيحٌ غاصَ في دَمِه ِ ذ َبيـحُ !
وأدري..كبـرياؤكَ لا تـُدانَى
يـَطيحُ الخافِقـان ِوَلا تـَطيحُ
لذا سَتَظلُّ تـَنزفُ دونَ جَدوى
ويَشرَبُ نَزفـَكَ الزَّمَنُ القبيحُ !
سَـلاماً أيُّـها الوَطـَنُ الجَريحُ !
=======
( لزوم ما لا يَلزَم مِن الوَجَع )

خـَوفاً على قلبـِكَ المَطعون ِمِن ألـَمي
سأ ُطْبـِقُ الآنَ أوراقـي على قـَلـَمي
نـَشَـرْتُ فيـكَ حياتي كلـَّهـا عَلـَماً
الآنَ هـَبْني يـَداً أطوي بهـا عَلـَمي !
يا ما حَلمتُ بِمَوتٍ فيـكَ ، يـَحملـُني
بـِه ِضَجيـجٌ مِنَ الأضواءِ والظـُلـَم ِ
أهلي ، وَصَحْبي ، وأشـعاري مُنَثـَّرَة ً
على الجَنـازَة ِ.. أصـواتاً بـِلا كـَلِم ِ
إلا " عراق " تـُنـاد يني .. وَها أنـَذا
أصحو بأنأى بقاع ِالأرض ِمن حُلـُمي
فأ ُبصِرُ الناس ، لا أهلي .. ولا لـُغَتي
وأ ُبصِرُ الـرّوحَ فيهـا ثـَلـْمُ مُنثـَلِم ِ
أموتُ فيكم ، ولـَو مَقطوعـَة ٌ رِئـَتي
يا لائِمي في العراقيّيـن .. لا تـَلـُم ِ!
============

( يا بلادَ الدمـوع (
لِلأسى .. لِلفراقْ
للدّماءِ التي سوفَ تَبقى تـُراقْ
إهمِلي يا دموعَ العراقْ !
مِن ذ ُرى كَرْدَه مَـنْـدْ
مِن ذ ُرى بـِيرَه مَكَرُون
تـَجري دموع ُاليَنـابيع
تـَملأ ُ أوجاعَ بـِيخال
حتى حَديثـَة َ
تـُوقِظ ُحُزنَ النـَّواعير ِ
يا وَطـَنَ الدَّمع ِ
كلُّ بيوتِ العِمارة ِتـَبكي المَرازيبُ فيها
وَفي النـّاصِريـَّة ِتـَبكي الشـَّواطيءُ
يَجري غِناءُ المُغَـنّينَ نَهراً مِن الد َّمع ِ
تَنسـابُ كلُّ الدموع ِ
وَتـَشهـَقُ في كربـَلاءْ
يا بلادَ الدمـاءْ
يا بلادَ الدموع ِالتي لا تَجفُّ
مَتى تـَغسلُ الشـَّمسُ هذا البُكاءْ ؟
و ها هو يتغني بوطنه في قصيده بعنوان (والآن ها قد قطعنا الشوط يا وطني ) يقول فيها :
الآن يا وطني أوقَدتَ قنديلَكْ جفّفتَ دمعَكَ أو جفَّفتَ منديلَكْ!
الآن صار الأسى والدمعُ ليس لـهُ معنىً.. تريدُ خَليّاً كي يُغنّي لك!
وأنتَ حجمَ الغِنا والحبِّ يا وطني لكنَّما كدتَ تُنسيني مَواويلَك!
لقد حملتُكَ جرحاً ناغراً، ودماً وأدمُعاً.. وبَلى، أدري هلاهيلَكْ
لكنّني قَطُّ لم آنَسْ بهنَّ سوى على مواكبِ مَن شالوا أكاليلَكْ!
كان الأسى كبرياءً لا يطاوعُها دمعٌ.. بهلهولةٍ كنّا نُعرّي لك
أوجاعَنَا كلَّها.. حتى قصائدُنا كانت تُهلهِلُ زهواً وهي تبكي لك!
والآن.. ها قد قطعنا الشوطَ يا وطني وزهُونا كلُّهُ يشتاقُ تقبيلَكْ
لكنَّ جذرَ الأسى ما زال في دمِنا لطولِ ما دُمنا ساقى بلابيلَكْ
فلا تُعاتبْ دموعاً أنت صاحبُها يا طالما جَريُها حنَّى أناميلَكْ!
هذي دموعُ الرِّضا والحبِّ يا وطني عيونُها دائماً كانت قناديلَكْ
وأنت كحَّلتَها بالضَّوءِ أجمعِهِ فكيف أجفانُها تنسى مَكاحيلَكْ؟
يا كلَّ ما للعراقيّين من شرفٍ متى مجاهيلُنا تلقى مَجاهيلكْ؟!
هذه قراءة سريعة لابداع متنبي العراق " عبد الرزاق عبد الواحد " الذي صور مسيرة العراق و شعبه في ملحمة شعرية تؤرخ لتاريخه المجيد بجانب حضارته التليدة فكان كالنهر المتدفق يحمل جغرافيته و تاريخه و قضاياه و الايام الصعبة التي يعاني منها و يربط بينه و بين مأساة كربلاء لكن العراق ينهض فتيا برغم هولاكو التتاري و الامريكي فهو صوت الحياة 
سلاما علي بغداد و شاعرها عبد الرازق عبد الواحد خير من جسد ملامحها المعاصرة في لوحات شعرية مصبوغة بالحزن و الكبرياء و العزة و الكرامة في صبر و مازال العراق في مهب الحروب و الصراعات لكنه يتعافي مع الغد المشرق دائما 
مع الوعد بلقاء متجدد لتغريدة الشعر العربي أن شاء الله

=============

إرسال تعليق

 
Top